توقعات البنك المركزى بشأن اداء اقتصاد البلاد فى المسقبل

0 1

أصدر البنك المركزي المصري مؤخرا تقريره الفصلي للسياسة النقدية والذي يقدم فيه تفصيلا معمقا لمسار الاقتصاد المصري ووضعه في خضم التطورات الاقتصادية العالمية، كما يقدم رؤاه وتوقعاته بشأن أداء اقتصاد البلاد في المستقبل. وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية من تقرير الربع الثاني من عام 2025.

قرر البنك المركزي المصري الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع لجنة السياسة النقدية الرابع لهذا العام في يوليو، ليضع حدا لدورة التيسير النقدي التي انتهجتها لجنة السياسة النقدية بالبنك، إذ خفضت اللجنة أسعار الفائدة بواقع 225 نقطة أساس في أبريل و100 نقطة أساس في مايو. قدمت هذه الخطوة سياقا لتوقعات البنك في التقرير، وربطت قراره ببعض المؤشرات الرئيسية للاقتصاد المصري خلال الربع المنصرم. ويأتي التقرير أيضا قبل نحو ثلاثة أسابيع من الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية.

توقعات التضخم: توقع البنك المركزي المصري أن يظل معدل التضخم عند المستويات الحالية خالل الفترة المتبقية من عام 2025، قبل أن يعاود الانخفاض تدريجيا على مدار عام 2026 وصولا لمستهدفه البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026. وعدّل البنك توقعات التضخم في السيناريو الأساسي والبديل لأعلى على نحو طفيف مقارنة بتوقعات التضخم في تقرير السياسة النقدية للربع الأول من عام 2025 لتتراوح ما بين 15-16% في 2025، بعد أن كانت 14-15%، و11-12% في 2026، بعد أن كانت 10-12.5%. وتقل هذه الأرقام كثيرا عن متوسط التضخم البالغ 28.3% في عام 2024.

عدة عوامل قد تؤثر على توقعات التضخم: أشار البنك المركزي المصري إلى أن المسار المتوقع لمعدل التضخم لا يزال عرضة للمخاطر الصعودية المتمثلة في استمرار ارتفاع أسعار الخدمات والتجزئة، بالإضافة إلى الآثار التضخمية الناتجة عن المخاطر العالمية والمحلية التي تشمل “السياسات التجارية الحمائية، واحتمالية تصاعد التوترات الجيوسياسية”. وأشار البنك المركزي إلى أن “عودة السياسات التجارية العالمية لطبيعتها وتراجع حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة تعد من العوامل الداعمة للمسار النزولي للتضخم المحلي على مدى الأفق الزمني للتوقعات”.

الاقتصاد المصري حقق أداء جيدا حتى الآن هذا العام، مع وجود مؤشرات على “تعاف مستدام” في الربع الثاني. يتوقع البنك المركزي حاليا نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8% في الربع الثاني — وهو نفس المعدل المسجل في الربع السابق — مدفوعا بشكل أساسي بنمو كل من الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة.

وتوقع البنك المركزي أن يستمر التعافي في معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي تدريجيا خلال العامين الماليين 2026/2025 و2027/2026 ليصل في المتوسط لنحو 4.8% و5.1% على الترتيب، “مدفوعا بشكل أساسي بافتراض تحسن أداء القطاعات الإنتاجية الرئيسية كقطاع الاستخراجات والصناعات التحويلية وقطاع الخدمات”، وفقا للتقرير.

بالحديث عن قناة السويس، توقع البنك أن يأتي تسارع النمو مدفوعا أيضا بتعاف جزئي في نشاط القناة، حسبما ذكر التقرير. يعتمد هذا الانتعاش على تراجع التوترات الجيوسياسية تدريجيا في البحر الأحمر، مما سيتيح عودة حركة السفن إلى طبيعتها في الممر المائي. انخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة 54.1% على أساس سنوي لتصل إلى 2.6 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الماضي، مع انخفاض الحمولة الصافية بنسبة 61.9% وتراجع عدد السفن العابرة بنسبة 44.8%.

فجوة الناتج تتقلص.. لكن ينبغي الحذر بشأن تسهيل السياسة النقدية: يتوقع البنك المركزي أن انحسار فجوة الناتج السالبة تدريجيا على مدى أفق التوقعات حتى يصل النشاط الاقتصادي إلى مستوياته الإنتاجية القصوى بحلول نهاية العام المالي الحالي. بينما يمكن أن يظهر التضخم من جانب الطلب بعد هذه النقطة، فمن المتوقع أن يظل تحت السيطرة في ضوء السياسة النقدية الحالية. ومع ذلك، إذا تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة أشد من المتوقع، فقد يزيد ذلك من المخاطر التضخمية، مما يتطلب بدوره نهجا أكثر حذرا تجاه أي تيسير نقدي إضافي.

وضع البلاد الخارجي يزداد قوة، مدفوعا بشكل أساسي بتقلص عجز الحساب الجاري بأكثر من 50% مقارنة بالربع نفسه من العام السابق. ويرجع هذا التحسن الملحوظ بدرجة كبيرة إلى قفزة في تحويلات العاملين بالخارج، وزيادة إيرادات قطاع السياحة، وتراجع عجز الميزان التجاري غير البترولي.

ديناميكيات السيولة المحلية: تباطأ معدل نمو السيولة المحلية بشكل ملحوظ في الربع الثاني من عام 2025، مسجلا 24.8% في المتوسط، مقارنة بمتوسط قدره 30.6% في الربع السابق. وواصل معدل النمو الحقيقي للقروض الممنوحة للقطاع الخاص بالعملة المحلية تسارعه، مسجلا متوسط 12.6% في الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بمتوسط 10.1% في الربع السابق. وفي الوقت نفسه، بلغ صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي المصري 14.94 مليار دولار في يونيو.

ماذا عن دورة التيسير النقدي وتأثيرها حتى الآن: أشار التقرير إلى أن البنك المركزي المصري شرع في دورة التيسير النقدي خلال الربع الثاني من العام، إلا أن السياسة النقدية الحالية لا تزال ملائمة للحفاظ على المسار النزولي للتضخم. وأشار البنك إلى أن “حوالي 65% من إجمالي التخفيضات البالغة 325 نقطة أساس في أسعار الفائدة الأساسية خلال شهري أبريل ومايو 2025 انتقل إلى سوق الإنتربنك طوال الربع الثاني من عام 2025”. وانخفضت عوائد الأوراق المالية الحكومية المقومة بالجنيه بشكل طفيف في الربع الثاني، وهو رد فعل أولي متواضع من السوق على خفض أسعار الفائدة. وفي الوقت نفسه، انخفضت عوائد السندات الدولية المصرية بمتوسط قدره 134 نقطة أساس في الفترة ذاتها. ويُعد هذا جزءًا من اتجاه هبوطي بدأ في بداية العام المالي 2024-2025، مما يعكس زيادة في ثقة المستثمرين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.